من قلبي إلى قلب أمـــي
أتذكرينَ ذاك الطفلَ البريءَ
متعلقاً بثيابكِ كيفَما ذهبتِ ذهبْ؟
هذا أنا
أربيعنيٌ مُنهكٌ قد أتعبهُ التَعبْ
أركضُ كي أصِل،
ولا أصِلْ
أركضُ علَّكِ تلاقيني وتضمِّي
أسقطُ مئات المرات وأقومُ وحدي
أين أنتِ يا أمي؟!
من تحملُ في الغربة همِّي
من تداوي في الجرح دمِّي
من تشفيني من مرضي وغمِّي
يا أمـــــــي
كمِ اشتقتُ إلى رائحةِ النارِ في الحطبْ
والعطرُ الذي يفوحُ عند تقطيعِ الخشبْ
كم اشتقتُ إلى قُبلةٍ منكِ دونَ سببْ
أولا تدرينَ أمي أنَّ وجهك مسبوكٌ بالذَهَبْ
وأنَّ الصباحَ معكِ على شرفتنا المطلَّة
صلاةٌ راقيةٌ دونَ مقدماتٍ ودون كَذِبْ
أمــــي
أتذكرينَ ذاكَ الفتى المجبولَ في تُرابِ حيِّنا؟
الذي لا يهوى عطراً أكثرَ من الوزَّالْ؟
ويبني في سنديانِ شاويتِنا عرزالْ؟
هذا أنا، ما زلتُ أنا ...
مجبولٌ بغبارِ بلادٍ بعيدة بين مدنٍ وأدغالْ
أرى وجوهاً غريبةً صارت مألوفة
أضعُ عطراً من أسماءِ العطورِ المعروفة
فلا أحدَ هنا يعرفُ الوزَّالْ! ولا سنديانَ الجبالْ!
ولا حتَّى لماذا الولدُ في قريتي يبنيَ عرزالْ!
أصبحتُ أبـــاً يــــا أمــــــي
أباً بعيداً عن ولدي وبناتــــي
ودَارتْ معَ الأيـــامِ حياتـــي
صارَ عرقي ودمي حبرُ دَوَاتي
صارَ ألَـمـي يعصرُ في القلبِ ذَوَاتي
وقلمي يتوهُ في بحرٍ من متاهاتي
أمرٌ واحدٌ يردُّنِي منَ الخيالْ
إلى عالمِ المحبــةِ والجمــال
أنـــــا الطفلُ،
تلكَ العائلة،
أبـــــي ...
وأنتي يا أمــي
أنتِ التي في الغُربةِ همِّي
تحيين في جروحِي وعروقِي ودمِّي
بصلاتِكِ أشفى من مرضي وغمِّي
أحبُكِ يا أمــــــي
جـــــــان بــــدر
١٩ آذار ٢٠١٨
No comments:
Post a Comment